سيكولوجيا الاستبداد والروح الجديدة للشعوب

taher_3edwan_nad2812.jpg 
 الصياد-نيوز-]طاهر العدوان
فرص نجاح وفد الجامعة العربية بمهمته في دمشق ضئيلة, تماما مثلما كان وضع الوساطة الخليجية مع حاكم صنعاء, فبعد عشرات السنين من انظمة الاستبداد في العالم العربي تقطعت الجسور بين هذه الانظمة وبين شعوبها وقوى المعارضة, بل كشف الربيع العربي بأنها كانت جسورا مدمرة ومنسوفة. لهذا فإن كل وساطة مصيرها الفشل.


يسعى وفد الجامعة الى جمع الاسد بمعارضيه الذين يطالبون باسقاطه منذ 8 اشهر, وكان مجلس التعاون الخليجي قد سعى خلف الهدف ذاته مع علي صالح في اليمن, غير ان سيكولوجيا الاستبداد والتفرد بالحكم متأصلة في الانظمة العربية التي تعتبر ان مجرد القبول بالحوار مع المعارضة انتقاص من هيبة رئيس النظام وتشكيك في شرعيته. لقد مارست الانظمة الاستكبار والعجرفة والغطرسة على الشعوب عندما يتعلق الامر بمطالب المواطنين وحقوقهم الطبيعية والاساسية. لكنها, في الوقت ذاته, مرنة, سلسة, مستسلمة امام شروط ومطالب امريكا والدول الكبرى بشكل عام.


لقد مرّ على الربيع العربي 10 اشهر حتى الان وفيها من النهايات للانظمة, كما في مصر وتونس وليبيا, ما يكفي لاقناع الصخر الجلمود بان الدنيا تغيرت, وبان الشعوب لم تعد ذاتها, فرياح التغيير كانت فيما مضى نسائم يغير الحاكم اتجاهاتها بمروحته اليدوية, لكن ما يحدث الان اعاصير شعبية, لا هدف لها غير رؤية حدوث تغيير جوهري في جميع اساليب الحكم التي تتبعها الانظمة منذ 60 عاما, فمن اتعظ اعتبر ونجا ومن لم يتعظ لا تنفع معه وساطة جامعة ولا حتى مجلس الامن ولا منظمات حقوق الانسان في العالم.


ولهذا العناد الذي يبديه حاكما دمشق وصنعاء مظاهره النفسانية التي تغري علماء النفس والاجتماع لدراسة حالة قيام الحاكم الذي استولى على السلطة بقوة السلاح بادارة ظهره لشعب بأسره, واستهتاره بكل مظاهر الرفض التي يُعبّر عنها الملايين في الميادين والشوارع والساحات مطالبة برحيله لكنه يقابل ذلك بامعانه بالقمع والقتل تحت مزاعم »تمسكه بالشرعية« وكأنه رئيس بلد ديمقراطي يُنتخبُ كل 4 سنوات ولا يعاد انتخابه اكثر من مرتين!!


بالمقابل, الربيع العربي وهذه الانتفاضة الروحية والمادية التي تجتاح العديد من الشعوب يستدعيان علماء النفس والاجتماع, اضف اليهم السياسيين والمفكرين, كي يفسروا هذا الحدث التاريخي الضخم الذي يوصف في وسائل الاعلام بأنه زلزال ديمغرافي كبير.


ماذا حدث حتى انقلبت الشعوب على ما كانت عليه من حالة الانصياع لحشود الامن والمخبرين والحزب الواحد الذين كانوا يدفعونهم الى الشوارع للهتاف للزعيم وكأنهم اجساد »روبوتات« وليسوا بشراً. هذه الشعوب انقلبت الى حالة التمرد والاحساس الجمعي بأن شيئاً عزيزاً ناقصاً لا بد من الكفاح من اجله مهما غلت التضحيات وهو الحرية السياسية والكرامة الانسانية, التي لا تتم إلا بالتخلص من الديكتاتورية ونيل حقوق المواطنة في نظام لا يقل سنتميترا واحدا في مواصفاته عن الانظمة الديمقراطية الحقيقية القائمة من جنوب افريقيا الى فرنسا. ومن اليابان الى الارجنتين وتشيلي .. الخ.


من الافضل للجامعة العربية ان توفر جهدها مع نظام الاسد, هذا اذا كان الشعب السوري ينظر بالفعل بارتياح الى وساطتها في أمر يخص حريتها وكرامتها, فالجسور تقطعت ماديا ومعنوياً بين الشعوب وبين الديكتاتورية ولا مجال لاصلاح ما استهلكه الدهر من اساليب حكم انتهت صلاحياتها في العالم الآدمي

0 التعليقات

Write Down Your Responses