كوستيال: رفع الدعم عن "الكهرباء" يجب أن يترافق مع اجراءات تحمي الفقراء



الصياد نيوز  - قالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى الأردن كريستينا كوستيال إن مفاوضات ستعقد مع المسؤولين الأردنيين في حزيران (يونيو) بهدف التباحث بشأن البرنامج الذي تطبقه المملكة.

وأكدت كوستيال في مقابلة مع "الغد" في واشنطن أن رفع الدعم عن فاتورة الكهرباء يجب ان يترافق مع اجراءات تضمن حماية الطبقة الضعيفة، مشيرة إلى أن خسائر شركة الكهرباء أصبحت مرتفعة ويجب وضع خطط لإعادة أوضاع شركة الكهرباء إلى سابق عهدها، لتفادي تحميل الاجيال القادمة مديونية كبيرة.
وذكرت أنه في أعقاب إلغاء الحكومة دعم الوقود تم دعم 70 % من السكان، ما ساعد الإجراء في تخفيف تأثير زيادة أسعار الوقود على السكان".
وقالت ان الحكومة ستتبنى نهجاً مشابها فيما يتعلق بأي إجراءات إصلاحية أخرى في المستقبل، بما في ذلك الزيادة الممكنة في تعرفة الكهرباء.
وبشأن احتمالية عدم موافقة البرلمان على رفع الدعم عن فاتورة الكهرباء، قالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي ان ذلك يرتب على الحكومة إعادة النظر في استراتيجية شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو)، وإيجاد البدائل لتخفيض خسائرها. لكن الاحتياجات التمويلية لن تتوقف، بمعنى أن الاقتراض سيظل مستمراً وكبيراً في كل عام، ما يعني أن الصعوبات ستستمر، مقابل حاجة الاقتصاد الأردني للنمو وتوليد فرص العمل وغيرها.
واشارت الى وجود اصحاب مصالح في كل الدول، وليس في الأردن فقط، لا يريدون تطبيق الإصلاحات الاقتصادية.
وتوقعت أن يعود معدل التضخم إلى حوالي 2 % في المدى المتوسط، مشيرة الى جهود البنك المركزي في الأردن في مراقبة ديناميات التضخم والاستعداد للاستجابة في حال حدوث أي زيادة في التضخم نتيجة لعوامل أخرى.
ووصفت كوستيال حجم الاحتياطيات الاجنبية في الأردن بـ"المريح"، مشيرة الى أهمية حصول المملكة على الكفالة الأميركية للاقتراض من الاسواق العالمية خلال العام الحالي.
وأكدت كوستيال أن بعثة صندوق النقد الدولي التي ستزور المملكة في بداية حزيران (يونيو) المقبل، ستبحث مع المسؤولين الأردنيين سير عمل البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي.
وحول أهمية المفاوضات واثرها على التقارير التي تصدر عقب المراجعات وارتباطها بمبالغ القروض، قالت كوستيال ان " المفاوضات التي تتم بين الأردن والصندوق بشأن المسائل المالية مهمة. لكن الحوار سيتركز حول النتائج التي سيقود اليها برنامج الاصلاح الاقتصادي واعادته إلى المسار الصحيح"، مشيرة إلى أن "الحوار يبحث في المزايا والعيوب".
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وافق في 11 نيسان (ابريل) الحالي، على تحويل 385 مليون دولار كدفعة ثانية من أصل قرض تبلغ قيمته ملياري دولار.
وجاءت تلك الموافقة بعد أن اجتازت المملكة بنجاح مراجعات قام بها البنك للاقتصاد الوطني في المرحلة الأولى، ليصبح مجموع ما تسلمته المملكة 770 مليون دولار من مجموع القرض بعد أن تسلمت الدفعة الأولى منها والبالغة 385 مليون دولار في شهر آب (أغسطس) الماضي.
وحول القرارات التي تتخذ لمعالجة العجز في الموازنة العامة، خصوصا فيما يتعلق برفع الدعم عن سلع وخدمات اساسية، قالت كوستيال أن "القرار يعود للمسؤولين الاردنيين فيما يتعلق بالدعم، وهي مسألة ليست سهلة، لكنها جاءت بهدف الوصول الى خاتمة جيدة للاقتصاد".
يذكر أن الحكومة قامت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بتحرير أغلب اسعار المحروقات بحيث تتحرك في السوق المحلي صعودا وهبوطا وفقا لتقلبات الاسعار العالمية، علما بأن الحكومة تتقاضى ضرائب على البنزين بنوعيه أوكتان (90) و(95) بحد أعلى يصل الى 45 %.
وحول أكثر المواضيع اشغالا للرأي العام الأردني في الفترة الأخيرة، وهو تعرفة اسعار الكهرباء والحديث عن خسائرها المتراكمة وسبل معالجتها، قالت كوستيال" تعتبر خسائر شركة الكهرباء الوطنية ضخمة، حيث زادت عن 5 % من الناتج المحلي الاجمالي للاردن، ولو دققنا في السنوات الثلاث الماضية، لوجدنا أنه لم تكن هنالك أي مشكلة بالنسبة للشركة في تلك الفترة، لكن خسائر الشركة حالياً أصبحت مرتفعة بكل المقاييس، ويجب أن تكون الخطط مبنية على أساس عودة أوضاع شركة الكهرباء إلى سابق عهدها واسترداد الكلف بحلول العام 2017".
وتقارب الخسائر المتراكمة لشركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) نحو 3 مليار دينار، وجاءت نتيجة لانقطاع امدادات الغاز المصري الذي كان يستخدم لتوليد الكهرباء، اذ تم التحول الى استخدام الوقود الثقيل والسولار، مما فاقم من خسائر تلك الشركة، بالاضافة الى العديد من الأزمات التي شهدها الاقتصاد الوطني جراء تداعيات الربيع العربي، وتزايد أعداد اللاجئين السوريين.
وحول استلام صندوق النقد الدولي استراتيجية شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) وما تحتويه من عناصر، قالت كوستيال: "هناك ثلاثة عناصر تقوم عليها الاستراتيجية، والتي ستفضي في نهاية 2017 الى استرداد الكلفة".
وبينت أن العنصر الاول يقوم على إيجاد عناصر إنتاج منخفضة الكلفة بعد أن تقلصت امدادات الغاز المصري والتحول الى توليد الكهرباء بالديزل والوقود الثقيل، مشيرة الى أهمية البحث عن طرق معتدلة لتخفيض كلف توليد الكهرباء، وخصوصا محطة تخزين الغاز المسال المتوقع إنشاؤها بحلول العام 2015.
وحول العنصر الثاني من عناصر استراتيجية (نيبكو)، قالت كوستيال: "تضمنت الاستراتيجية الاستخدام الأمثل والكفؤ للطاقة، واعتماد محطات أكثر كفاءة، بالاضافة للوسائل الموفرة للطاقة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة".
أما العنصر الثالث، فقد اعتبرته كوستيال الأهم، لأنه هو الذي يتعلق بتعرفة الكهرباء، مشيرة إلى أن التعديل يتضمن حماية الفقراء من آثار رفع السعر، وقالت أن "رفع الاسعار المدعومة يعني تقليل الاقتراض، وبالتالي توفير الاموال المعدة للاقراض من أجل الحصول عليها من القطاع الخاص".
كما اعتبرت كوستيال أن "استمرار اوضاع شركة الكهرباء الوطنية على حالها وبقاء الاقتراض بنفس الوتيرة يعني تحميل الاجيال القادمة مديونية أكبر"، مؤكدة على "أهمية الموازنة الكفؤة لتحقيق التنمية والاستخدام الأمثل للموارد".
وحول الصعوبات التي قد تواجه الحكومة في تعديل تعرفة الكهرباء، قالت كوستيال "إن التأييد الشعبي واقناع الناس بأهمية وضرورة الخطوة هي أمور في غاية الأهمية، حيث ركزت النصيحة التي يسديها البنك الدولي على حماية الفقراء بشكل مقبول بدلا من إفادة الأغنياء".
واعتبرت كوستيال أن "مسألة معالجة الدعم تقاَبل بضغوط ورفض -وليس في الاردن فحسب، لأن هنالك أشخاصا في المجتمعات من أصحاب المصالح، والذين لا يقبلون المضي قدماً بتطبيق تلك الاصلاحات".
وكانت اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين قد شهدت استفاضة في شرح تداعيات استمرار الدعم في الموازنات، حيث أوصت تلك الاجتماعات بضرورة معالجة النهج الحالي القائم على دعم السلع والتحول إلى دعم الفئات المتضررة.
وعن استراتيجية الكهرباء والاهداف التي يفترض تحقيقها، تابعت كوستيال بالقول "إن التوازن في (نيبكو) بخصوص أسعار بيع الكهرباء الحالية هو جوهر مشكلتها، لكن من الصعب تحقيق هذا التوازن بين ليلة وضحاها، كما أنه يجب اشراك البرلمان في الاستراتيجية الجديدة". وعن سبب عدم اعلان الحكومة الاردنية لاستراتيجية شركة الكهرباء، قالت كوستيال ان "استشارة البرلمان ومناقشته لكل تفاصيلها هي مسألة مهمة".
وعن امكانية رفض البرلمان الاردني لاستراتيجية شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) وما قد يواجهه برنامج الاصلاح الذي تبنته المملكة مع النقد، قالت كوستيال ان" الاستراتيجية تتكون من 3 عناصر، وعدم موافقة البرلمان سيعني أن يترتب على الحكومة اعادة النظر في هذه الاستراتيجية وإيجاد البدائل لتخفيض خسائرها. لكن الاحتياجات التمويلية لن تتوقف، بمعنى أن الاقتراض سيظل مستمراً وكبيراً في كل سنة، مما يعني أن الصعوبات ستستمر، مقابل حاجة الاقتصاد الاردني للنمو وتوليد فرص العمل وغيرها".
 وحول سبل حفز جانب الطلب في الاقتصاد الوطني بما يفضي الى زيادة النمو الاقتصادي، قالت كوستيال أن "الانفاق الرأسمالي سيزيد في العام الحالي بنسبة 2 %، وستحصل تحسينات في تمويل المشروعات الصغيرة، ومنها برنامج (أوبك) والذي يوفر 100 مليون دولار و70 مليون دولار في برامج أخرى مخصصة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبحيث يسهم بالتالي في توليد انشطة اقتصادية جديدة".
ولفتت كوستيال الى أن "مكتب الائتمان سيكون جاهزا العام المقبل، مما يوفر بيئة تشريعية مهمة لمنح التسهيلات في الاردن". كما تطرقت الى أهمية التشريعات التي تسعى الحكومة إلى إقرارها في البرنامج الاصلاحي الذي تبنته، بما فيها التشريعات المتعلقة بتعظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما اشارت الى مشروع مطار الملكة علياء الدولي وحصوله على جائزة أفضل مشروع للشراكة من مؤسسة التمويل الدولية".
وكان قد أعلن في وقت سابق من الشهر الحالي أن مطار الملكة علياء الدولي حصل على المركز الأول "الذهبي" كأفضل مشروع ناشئ للبنى التحتية في أوروبا ووسط آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك ضمن مسابقة الشراكات الناشئة. وبهذا، صنف مشروع مطار الملكة علياء الدولي ضمن قائمة أفضل 40 مشروعاً من مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في العالم. وقد تم إطلاق هذه الجائزة من قبل مؤسسة التمويل الدولية ومجلة البنى التحتية، وهي ممولة من قبل الصندوق الاستشاري لشؤون البنى التحتية العامة/الخاصة PPIAF.
أما عن مستوى الاحتياطيات الاجنبية والتحسن الذي حصل فيها، فقالت كوستيال إن "الاحتياطيات مريحة في هذا الوقت، وعادت للارتفاع، ويجب الحفاظ عليها لاستخدامها في الوقت المناسب".
ورداً على سؤال حول الصعوبات التي ستواجه السياسة النقدية في حال تم رفع أسعار الكهرباء جراء ارتفاع معدلات التضخم والتي ارتفعت أصلا بعد تحرير أسعار المحروقات في تشرين الثاني (نوفمبر) وملامستها
7 %، قالت كوستيال ان " ارتفع مؤشر أسعار المستهلك (التضخم) في الأردن في أواخر العام 2012، بشكل رئيسي نتيجة لزيادة أسعار الوقود في تشرين الثاني (نوفمبر)، وبما أن تلك كانت زيادة لمرة واحدة، فإن من غير المتوقع أن يكون لها تأثير كبير على التضخم في المدى المتوسط."
ومضت إلى القول "وفي الحقيقة، بدأ التضخم بالانحسار فعلاً (كان معدل التضخم الشهري عند 0.2 % في الفترة ما بين كانون الثاني (يناير)-آذار (مارس) 2013، مقارنة بنسبة 1.7 % في الفترة ما بين تشرين الثاني (نوفمبر)- كانون الأول (ديسمبر) 2012). كما يتوقع أن يكون للزيادة المحتملة في أسعار الكهرباء لمرة واحدة أيضاً تأثير قصير المدى فقط على التضخم".
وتوقعت كوستيال أن "يعود معدل التضخم إلى حوالي 2 % في المدى المتوسط. وهكذا، يقوم البنك المركزي في الأردن بمراقبة ديناميات التضخم ويقف على أهبة الاستعداد للاستجابة في حال حدوث زيادة طفيفة في التضخم نتيجة لعوامل أخرى".
وأوضحت أنه "على الرغم من ترجيح أن يكون التأثير التضخمي لهذه الإجراءات قصير الأجل، فإن حماية الشرائح الضعيفة من السكان من تأثير ضبط الأوضاع المالية العامة وأي إجراءات أخرى تشكل عاملاً حاسماً في برنامج الحكومة الإصلاحي".
وذكرت أنه "في أعقاب إلغاء دعم الوقود في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، تم تنفيذ تحويل نقدي يغطي 70 % من السكان، وتم إرسال الدفعات الأولى فعليا في تشرين الثاني (نوفمبر)، الشهر الذي تم فيه رفع أسعار الوقود. وقد ساعد هذا الإجراء في تخفيف تأثير زيادة أسعار الوقود على السكان. ونحن نعرف أن الحكومة ستتبنى نهجاً مشابها فيما يتعلق بأي إجراءات إصلاحية أخرى في المستقبل، بما في ذلك الزيادة الممكنة في تعرفة الكهرباء".
 وحول الكفالة الاميركية لسندات اليورو بوند التي تعتزم المملكة طرحها في الاسواق العالمية قالت كوستيال: "في أواخر آذار (مارس)، وافق الكونغرس الأميركي على برنامج ضمانات القروض للأردن. وستكون الخطوة التالية هي مناقشة الحكومتين للوسائل. وسيساعد هذا الضمان على المساعدة في خفض كلف الاقتراض على الحكومة الأردنية. إننا نعرف أن الحكومة الأردنية تخطط لإصدار سندات يورو هذا العام، ونتوقع أن تستفيد هذه السندات من الضمان".
وردا على سؤال حول اكمالها مسيرة رئاسة بعثة النقد ادولي للاردن قالت "انها سعيدة بتلك المهمة".

, , , , , ,

0 التعليقات

Write Down Your Responses