رئيس الجامعة الأردنية أ.د أخليف الطراونة... لم يعد هناك مبرر لاستمرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.


الصياد نيوز أكد رئيس الجامعة الأردنية أ.د أخليف الطراونة بان جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله منح اهتماما كبيرا للتعليم العالي وخصه بالذكر في عدد من خطابات التكليف للحكومات المتعاقبة،
ولكن سرعة تبدل الوزراء والحكومات أعاق وضع خطط استراتيجية للنهوض بالتعليم العالي، كما أن تعدد المرجعيات عامل معوق يحول أحيانا دون نجاح الإدارات الجامعية.

وبين الطراونة في مقابلة خاصة مع " الوقائع الاخبارية " أننا بحاجة إلى استراتيجية للتعليم العالي تمتد إلى عشرين سنة للأمام، نحدد في ضوئها حاجاتنا وأهدافنا الوطنية وما الذي نريده من خريجينا أولا ثم توضع الخطط بناء على ذلك، وتمنح الجامعات الاستقلالية لتطبيق وتنفيذ تلك الخطط بما يتوافق مع خصوصية كل منها.

وقال الطراونة، بان الجامعة الأردنية تمتاز بأنها الأم، ليس فقط لأنها الأقدم، أو الأعلى في عدد الطلبة الدارسين فيها وخريجيها، بل لأنها الأشمل في تخصصاتها، والأكبر في مساحتها، والأكثر تطورا في بناها التحتية وخدماتها ومرافقها، والأكثر احتضانا لأفضل الأكاديميين في كل التخصصات، وخريجوها ينافسون على صعيد المنطقة والإقليم والعالم في كثير من التخصصات، ويحصدون جوائز عالمية ويحققون أداء مرتفعا في الامتحانات الدولية .

وكشف الطراونة بان أول اتخذه حين تسلم رئاسة الجامعة هو تشكيل لجنة عليا لمراجعة رؤية الجامعة ورسالتها وأهدافها والخطط الدراسية في كل التخصصات، وتحديثها وتطويرها بعد تحديد نواتج التعلم المفتاحية ومؤشرات الأداء المطلوبة والمتوقعة من الطلبة، مؤكداً بان اللجنة العليا فرغت من وضع الخطوط العامة، والعمل جار ضمن اللجان الفرعية لعكس تلك الشروط والمحددات على واقع الخطط في كل التخصصات، بما يضمن تزويد الخريجين بالمهارات المطلوبة للتكيف مع احتياجات سوق العمل محليا وإقليميا وعالميا .

وردا على سؤال حول تقييمه لفرع الجامعة في منطقة العقبة الاقتصادية ،أكد الطراونة بأن فرع الجامعة في العقبة فكرة رائدة وتملك مقومات ممتازة لتكون تجربة ناجحة ولكنها كانت بحاجة إلى بعض الوقت لإنضاجها قبل البدء بتنفيذها، ولكن، مع ذلك، فإنني أعمل الآن بكل طاقتي على تحويل فرعنا في العقبة من مستهلك إلى منتج، خاصة وأن كلفت انشاؤه تجاوزت عشرة ملايين دينار، وكان سببا من أسباب استهلاك ميزانية الجامعة.

وفيما يلي نص الحوار :.

  : الدعم الملكي لتطوير قطاع التعليم العالي كان متعددا بما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة والطموح، إلا أن التوجه الملكي كان واضحا في منح الجامعات الاستقلالية الكاملة لكي تقوم بدورها الريادي باعتبارها إحدى المحركات الأساسية سواء للدور الذي تقوم به أو الشريحة التي تستهدفها، فكيف تنظرون إلى ذلك؟

الطراونة: لا أعتقد أن الجامعات تحظى باستقلالية مالية وإدارية كاملة، وإن كانت القوانين قد منحتها جزءا من الاستقلالية، ولكن ما زال رؤساء الجامعات يعينون بقرار حكومي، وما زالت مجالس الأمناء تخضع لتدخلات من جهات مختلفة، وما زالت الرسوم المحصلة للجامعات لا تسدد لها، حتى أن الدعم الحكومي قد انخفض إلى ما يقارب الصفر لدى الجامعة الأردنية وجامعات حكومية أخرى، وما زال القبول في الجامعات يأتي من لجنة القبول الموحد، وما زال التوجيهي الذي تضع أسئلته وتصححها وزارة التربية والتعليم هو المعيار الأوحد لذلك القبول في ظل غياب أي معايير تخص الجامعات وتميزها عن بعضها بعضا. وحتى في تطبيق القوانين والتعليمات على الطلبة تتعرض إدارات الجامعات أحيانا لتدخلات من التعليم العالي وجهات أخرى، ومن ثم فإن الاستقلالية منقوصة، وإن شئنا الارتقاء بالجامعات فإن كل ما ذكرته بحاجة إلى إعادة نظر.

لقد منح جلالة الملك اهتماما كبيرا للتعليم العالي وخصه بالذكر في عدد من خطابات التكليف للحكومات المتعاقبة، ولكن سرعة تبدل الوزراء والحكومات أعاق وضع خطط استراتيجية للنهوض بالتعليم العالي، كما أن تعدد المرجعيات عامل معوق يحول أحيانا دون نجاح الإدارات الجامعية. نحن بحاجة إلى استراتيجية للتعليم العالي تمتد إلى عشرين سنة للأمام، نحدد في ضوئها حاجاتنا وأهدافنا الوطنية وما الذي نريده من خريجينا أولا ثم توضع الخطط بناء على ذلك، وتمنح الجامعات الاستقلالية لتطبيق وتنفيذ تلك الخطط بما يتوافق مع خصوصية كل منها.

مسألة أخرى مهمة هي الدعم الممنوح للجامعات، حين يكون مجموع هذا الدعم أقل مما تخصصه الدولة لإنشاء طريق في عمان، فإننا لا يمكن أن نكون جادين في النهوض بالتعليم العالي. معظم الجامعات بحاجة إلى تطوير خدماتها التعليمية وبناها التحتية ومرافقها وتحسين رواتب طواقمها الأكاديمية والإدارية، ومضاعفة ميزانيات البحث العلمي وتوفير البيئة الملائمة لتشجيعه، وهذا بحاجة إلى دعم مالي، ولو منحت الجامعات رسم الواحد في المائة الذي يجنى باسمها على أقل تقدير، والذي يصل إلى خمسمائة مليون، لتمكنت من تطوير خدماتها لتحقيق معايير الجودة والاعتماد العام والخاص، ولتحسنت مخرجاتها بشكل ملموس.

وبذكر المخرجات، فإن الأصل أن يتم قبول جميع الطلبة على أساس التنافس، وبعد حصولهم على القبول، يمكن للطلبة الفقراء الحصول على الدعم المالي من صندوق دعم الطالب الفقير الذي يمكن رفع طاقته إلى ثلاثين مليوناً بدلا من عشرين مليون ليتمكن من الإنفاق على الطلبة المحتاجين وفق معايير واضحة يشرف عليها الديوان الملكي، وتوزع على الأرياف والبوادي والمخيمات وأبناء الشهداء وغير ذلك، وهكذا يمكننا استبدال الشكل الذي أخذته المحاصصات السابقة التي أفسدت التعليم العالي بأسس أكاديمية صحيحة يقبل فيها الطالب بناء على المعدل، وتتكفل الدولة بمساعدته في تعليمه الجامعي بناء على حاجته أو على تفوقه وموهبته، وبذلك نكون قد ارتفعنا بمستوى الخريجين، وتخلصنا من العنف الجامعي وانسجمنا مع مبادئ الدستور الأردني.

أما فيما يخص وزارة التعليم العالي، فإنني أرى ومنذ زمن بعيد، ويشاركني الرأي عدد كبير من الأساتذة الأجلاء، أنه لم يعد هناك مبرر لاستمرارها، والأفضل هو تدعيم عمل مجلس التعليم العالي ومنحه كافة الصلاحيات المطلوبة للقيام بمهامه على أكمل وجه، على أن تلحق به دائرة متخصصة لترخيص الجامعات تتابع قضايا الترخيص والاعتماد، ويتم إنشاء هيئة مستقلة للجودة، بدلا من هيئة الاعتماد، تضع المعايير وتتابع تطبيقها فيما يخص الجامعات، ويمكن أن يمتد عملها ليشمل الجودة في التعليم الأساسي والثانوي بحيث ننتقل من ثقافة الاعتماد إلى الجودة، ومن ثقافة المعايير الكمية إلى النوعية.

  : نستحضر كل القيم والمفاهيم والتضحيات والجهود المضنية التي صاحبت بناء هذا الكيان الأكاديمي العملاق، حتى غدت منارة علم بخصائص متميزة استطاعت من خلالها أن تفرض ذاتها على خارطة الجامعات المحلية والعربية والعالمية، للحديث حول تلك الخصائص التي تقف وراء الجامعة وتميزها وإكسابها الشهرة على كافة الأصعدة؟

الطراونة: تمتاز الجامعة الأردنية بأنها الأم، ليس فقط لأنها الأقدم، أو الأعلى في عدد الطلبة الدارسين فيها وخريجيها، بل لأنها الأشمل في تخصصاتها، والأكبر في مساحتها، والأكثر تطورا في بناها التحتية وخدماتها ومرافقها، والأكثر احتضانا لأفضل الأكاديميين في كل التخصصات، وخريجوها ينافسون على صعيد المنطقة والإقليم والعالم في كثير من التخصصات، ويحصدون جوائز عالمية ويحققون أداء مرتفعا في الامتحانات الدولية، كما أن هيئتها الأكاديمية تضم خيرة الخيرة، والكثير من أعضائها يحملون أوسمة وشهادات تقدير وجوائز محلية وعربية وعالمية، ويعدون أعلاما في ميادين تخصصهم. علاوة على ذلك كله، فإن موقعها في قلب العاصمة عمان يجعلها قريبة من كل شيء، وقادرة على تقديم كل الخدمات التي يحتاجها الطالب سواء داخل الحرم الجامعي أو حوله، ويمكن القول إن الجامعة مدينة متكاملة قائمة بحد ذاتها ومعتمدة على نفسها ماليا وإداريا، فهي تضم كل ما يطلبه الطالب من خدمات ومرافق بما في ذلك القاعات الصفية الحديثة، والمدرجات، والمسارح، وأماكن السكن والترفيه والمختبرات العلمية وخدمات الحاسوب والمطاعم والكافيتريات والملاعب الداخلية والخارجية، وكل شيء تقريبا.

كما تتضمن الجامعة عمادة شؤون طلبة فعالة تنفذ نشاطات متنوعة وثرية وتشرك أعدادا كبيرة من الطلبة وتخرج مواهب لها حضور على مستوى الوطن العربي وليس الأردن فحسب، بالإضافة إلى وحدة إعلام متطورة تتضمن إذاعة جامعية حققت مكانة مرموقة، ومجلة لأخبار الجامعة، وأخرى للأقلام الجديدة التي تتمتع بموهبة أدبية، علاوة على موقع الكتروني متطور يتضمن أخبار الجامعة بالصوت والصورة. وتضم الجامعة مراكز بحثية متخصصة لها سمعة إقليمية وعالمية كمركز حمدي منكو للبحوث العلمية الذي حصل على جائزة سمو الأمير الحسن للتميز، ومركز الدراسات الإستراتيجية، ومركز الخلايا الجذعية وهو الأول من نوعه في الإقليم، ومركز المياه والطاقة والبيئة، ومركز الوثائق والمخطوطات، والمركز الثقافي الإسلامي، ومركز تنمية القوى البشرية، ومركز الحاسوب، ومركز اللغات، ومركز دراسات المرأة، بالإضافة إلى كليات حصلت على جوائز عالمية وإقليمية للتميز ككلية إدارة الأعمال وكلية الصيدلة، هذا ناهيك عن إنجازات كلية الطب ومستشفى الجامعة الذي حصد عددا من شهادات الجودة العالمية.

  الحكومة لم تتخذ خطوة عملية لحل إشكالية التمويل سواء عن طريق الدعم أو الاقتراحات البديلة والمتممة لعملية الدعم، وبوجه عام أخذ الدعم بالتناقص نتيجة زيادة أعداد الجامعات واستغلال بعضها لعملية التوزيع، فأين تقف الجامعة الأردنية في خطتها ضمن هذا المحور؟

الطراونة: نحن نعمل الآن على تحسين البنى التحتية وتطويرها ذلك أن بعض الكليات بحاجة إلى تحديث مبانيها وأخرى بحاجة إلى زيادة أعداد مختبراتها وتزويدها بأجهزة حاسوبية متطورة، ونظرا لأن رسوم الطلبة في معظم التخصصات لا تغطي كلفة دراسة الطالب، بالإضافة إلى انخفاض الدعم الحكومي كما أسلفت ووجود طلبة يدرسون على نفقة الجامعة دون أن تتحمل أي جهة كلفة دراستهم، فإن الوضع المالي للجامعة حرج فعلا، ولذلك، فقد وضعنا خطة لتطوير الاستثمار في الجامعة بدأناها بضم وحدة الصناديق إلى وحدة الشؤون المالية بحيث تكون هناك رؤية استراتيجية موحدة قادرة على التخطيط لجذب الاستثمار إلى الجامعة من جهة ضمن نظام الـ (BOT)، وتنفيذه في مواقع أخرى بجهد ذاتي من جهة ثانية لتعظيم دخل الجامعة من الاستثمارات . كما تخطط الجامعة لاستحداث تخصصات جديدة برسوم جديدة تغطي كلف دراسة الطالب. هذا وقد خفضنا بعض النفقات المتعلقة بكلف عقد المؤتمرات والندوات، ووجهنا العمداء إلى جذب الدعم من القطاع الخاص للفعاليات التي تعقد في الجامعة.

ا: مستجدات وتطورات وتوجهات لقطاع التعليم، استوجب من كافة الجامعات العمل لتنمية بنيتها لمواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم. وأنتم في الجامعة الأردنية هل وضعتم خطة استراتيجية في هذا الجانب؟

الطراونة: نعم، هناك خطة استراتيجية رصدت فيها بعض المبالغ لتطوير وتحديث البنى التحتية في الجامعة، ولكن تأخر بعض الجهات الحكومية في سداد التزاماتها للجامعة أدى إلى تجميد بعض خطط التطوير . في المقابل، فقد أنشأنا عددا من القاعات الصفية وقاعات المطالعة الأنيقة المزودة بأحدث معدات التكنولوجيا التعليمية بالتعاون مع القطاع الخاص، كما خصصنا لوحات شرف لتوثيق أسماء المتبرعين لدعم الكليات، ووقعنا عددا من الاتفاقيات مع القطاع الخاص كمشروع أيلة وسلطة العقبة لتطوير فرع الجامعة في العقبة، وإقامة عدد من الاستثمارات المشتركة هناك بما يحول فرعنا في العقبة من مستهلك إلى منتج، بالإضافة إلى اتفاقية مع شركة زين لتمويل إنشاء حديقة اليوبيل الذهبي في الجامعة، ونحن نعول على هذا النموذج من التعاون مع القطاع الخاص ليتم تعميمه، خاصة باتجاه إنشاء مشروعات استثمارية، بما يسهم في زيادة حجم الإيرادات للجامعة.
: تضعون التفكير الجاد والمدروس نصب أعينكم لخلق وإيجاد كليات تحتضن تخصصات متميزة ونادرة، وتكون منارة للعلم ومورداً لحاجات السوق الأردني العربي من الكفاءات البشرية، فهل من كليات وتخصصات ستحتضنها الأردنية خلال المرحلة القادمة؟

الطراونة: لقد قمنا بمراجعة كاملة لأهداف ومخرجات كليات الجامعة ومعاهدها ومراكزها وبرامجها وبناء على ذلك فقد اتخذنا قراراً ضمن اللجان العليا للجامعة وافق عليه مجلس الأمناء بإلغاء كافة المعاهد ودمجها ضمن كلياتها الأم توفيراً للنفقات وتعظيماًَ للإنتاجية ورفعاً من مستويات الجودة في التعليم مما يمكنا من تطبيق معايير موحدة على كل الخطط الدراسية التي يتم تدريسها في مساقات الجامعة المختلفة وضبط نواتج التعلم ومخرجات الأداء بالنسبة للخريجين، ومثال على ذلك فقد حولنا معهد دراسات الإسلام في العالم المعاصر إلى قسم داخل كلية الشريعة وحولنا المعهد الدولي لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها إلى شعبة اللغة العربية للناطقين بغيرها في مركز اللغات، ومعهد العمل الاجتماعي إلى قسم العمل الاجتماعي في كلية الآداب، ومعهد البحوث والتدريب والإرشاد الزراعي لكلية الزراعة ليحمل مسمى المحطة الزراعية كما كان في السابق.

كما حولنا معهد الآثار إلى كلية السياحة والآثار واستحدثنا برامج تنافسية في مجال السياحة على مستوى البكالوريوس والماجستير تؤهل الخريجين لتعبئة الشواغر في سوق العمل المحلية. بالإضافة إلى دمج قسم العلوم السياسية في كلية الآداب مع كلية الدراسات الدولية وتغيير مسمى الكلية ليصبح كلية الدراسات الدولية والعلوم السياسية.

علاوة على ذلك فقد استحدثنا برامج جديدة في مستوى الماجستير والدكتورة حصل بعضها على موافقة مجلس التعليم العالي كبرنامج ماجستير الطاقة المتجددة في كلية الهندسة والتكنولوجيا، وبرنامج ماجستير الدراسات الشرق الأوسطية في كلية الدراسات الدولية، وبرنامج ماجستير الزراعة العضوية في كلية الزراعة وبرنامج الدكتوراه في اللغويات في كلية اللغات الأجنبية وما زالت هناك برامج أخرى في انتظار موافقة مجلس التعليم العالي مثل برنامج الماجستير في القيادة والتحديات العالمية في كلية الدراسات الدولية والعلوم السياسية.

: تقييمكم للخطط، هل تتناسب والمعايير والمتطلبات العالمية والأكاديمية والصناعية، وهل تتم مراجعتها بصورة دورية وفق المتغيرات العلمية والتكنولوجية؟

الطراونة: كان أول قرار اتخذته حين تسلمت رئاسة الجامعة هو تشكيل لجنة عليا لمراجعة رؤية الجامعة ورسالتها وأهدافها والخطط الدراسية في كل التخصصات، وتحديثها وتطويرها بعد تحديد نواتج التعلم المفتاحية ومؤشرات الأداء المطلوبة والمتوقعة من الطلبة، وقد فرغت اللجنة العليا من وضع الخطوط العامة، والعمل جار ضمن اللجان الفرعية لعكس تلك الشروط والمحددات على واقع الخطط في كل التخصصات، بما يضمن تزويد الخريجين بالمهارات المطلوبة للتكيف مع احتياجات سوق العمل محليا وإقليميا وعالميا، وينمي قدرتهم على التفكير الابداعي والمنتج في ظل منافسة قوية وفرص محدودة في أسواق العمل. وقد ينتج عن تلك الدراسة المعمقة والشاملة إلغاء بعض التخصصات ودمج تخصصات أخرى، وإنشاء تخصصات جديدة، بالإضافة إلى طرح مساقات جديدة لتأهيل الطلبة في ميادين المواطنة الصالحة وتزويدهم بمهارات الحياة الأساسية، وبمعرفة في الإدارة والاقتصاد ومهارات الاتصال الفعال، كما تشجع الخطط الجديدة اتجاهات الطلبة نحو الأعمال الحرة والريادية، وربط ما يدرسونه في الجامعة بواقع الصناعة وأسواق العمل المختلفة.

: اتخذت بعض الجامعات منذ وقت مبكر الاعتماد الأكاديمي معياراً من معايير الثبات والاستمرار في إستراتيجيتها التعليمية، فأين تقف الجامعة الأردنية من معيار الاعتماد الأكاديمي؟

الطراونة: لقد حققت الجامعة الأردنية منذ زمن معيار الاعتماد العام ومعايير الاعتماد الخاص لكل التخصصات وفي كل مستويات الدراسة في مرحلة البكالوريوس كما في مرحلة الماجستير والدكتوراه، ولكن الجامعة الآن تعمل على رفع معايير الجودة في التعليم بما يتفق مع المواصفات العالمية وبما ينقل الجامعة من فئة أفضل ستمائة جامعة في العالم إلى فئة أفضل خمسمائة جامعة في العالم. هذا ما نعمل عليه الآن بكل جد، وسنحققه إن شاء الله خلال زمن لا يتجاوز العامين، واضعين نصب أعيننا التحول من المعايير الكمية إلى النوعية، وتحقيق سمعة ومكانة مرموقتين للجامعة بين جامعات العالم الأكثر جودة في التعليم.

الوقائع: البحث العلمي عنصر أساسي لبقاء أي مؤسسة وتحديد سرعة تطورها في كافة المجالات، والمعروف أن البحث العلمي يقوم على أربعة ركائز، الباحث، وثانيها البحث، وثالثها البنية التحتية، ورابعها إدارة المؤسسات البحثية، فأين تقف الجامعة الأردنية في هذا الجانب؟

الطراونة: نشجع البحث العلمي ونخصص حاليا سبعة في المائة من موازنة الجامعة للبحث، وسنعمل على رفع تلك النسبة وتشجيع الباحثين المتميزين عبر الجوائز والتكريم المالي والمعنوي، كما نفكر في وضع نظام متكامل للحوافز يشجع أعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا على البحث العلمي، وقد اتخذ مجلس العمداء مؤخرا قرارا يفيد بدعم أي طالب دراسات عليا ينجح في نشر دراستين من رسالة الماجستير أو الدكتوراه خلال عامين دعما ماليا مباشرا، كما أن الجامعة تغطي نصف نفقات النشر في أي مجلة عالمية معتمدة ومحكمة دوليا لأعضاء هيئة التدريس، هذا بالإضافة إلى الجهد الكبير الذي تبذله عمادة البحث العلمي في دراسة مشروعات الأكاديميين والطلبة لتوفير الدعم لها، وما تصدره من مجلات علمية محكمة تساعد أعضاء هيئة التدريس في نشر أبحاثهم العلمية و دعم تسجيل براءات الاختراع على نفقتها الخاصة.

وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة زيادة أعداد المجلات المحكمة علميا في الأردن، خاصة في بعض التخصصات كالعلوم التربوية، ذلك أن مجلة واحدة معتمدة في كل تخصص أمر لا يتلاءم مع أعداد الباحثين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأردنية، وهو ما يتسبب في إعاقة نشر أبحاث أعضاء هيئة التدريس وينعكس سلبا على ترقياتهم وعلى معايير الجودة للجامعة ككل. ومن ثم فإنني أدعو وزارة التعليم العالي إلى إعادة النظر في قرارها السابق بوقف اعتماد بعض المجلات التي تصدرها الجامعات، والسماح بإعادة نشرها لدعم البحث العلمي.

أما بالنسبة لتكاليف البحث في المجالات العلمية والصناعية، فإن عمادة البحث العلمي تغطي نفقات المواد اللازمة للتجارب العلمية ونفقات الباحثين المساعدين والرئيسيين، كما أن المراكز البحثية المتخصصة في الجامعة تنتج عددا من الأبحاث التطبيقية الهامة، خاصة في مجال الزراعة والطاقة والمياه وتسعى إلى استكشاف حلول جذرية لمشكلات الزراعة والثروة الحيوانية والمياه والطاقة في المجتمع الأردني باكتشاف تقنيات جديدة وفعالة ومبتكرة وقليلة الكلفة.

  تسعون لزيادة أعداد الطلبة، وزيادة قدرة الجامعة على استقطاب طلبة وافدين من مختلف دول العالم، الأمر الذي يتطلب منكم توفير بيئة جامعية مناسبة لهم، فماذا تقدم الجامعة لهؤلاء الطلبة؟

الطراونة: الجامعة الأردنية اليوم هي عنوان للقاء المعرفة بالتطبيق، والنقد بالإبداع، والقديم بالجديد، والشرق بالغرب، والأصالة بالحداثة. لقد خرجت الجامعة الأردنية منذ تأسيسها سبعة وأربعين فوجا، يربو عددهم على المائة وستين ألف طالب وطالبة، بمعدل ثمانية آلاف طالب سنويا في العقد الماضي وحده، رفدوا كل مجالات البناء والتطوير والتحديث في الأردن والوطن العربي والدول الإسلامية وكثير من بلدان العالم ، وتبوؤوا مواقع هامة في بلدانهم في كل الميادين.

الجامعة الأردنية تقدم تاريخا عريقا من الجودة في مجال التعليم العالي، وتضم نخبة ممتازة من الأكاديميين الذين يندر أن يوجد لهم مثيل في أي جامعة أخرى على مستوى المنطقة، وليس الأردن فحسب، كما تمتاز ببنى تحتية مؤهلة وخدمات تعليمية تتفوق على نظيراتها في كل الجامعات الرسمية، من مختبرات علمية وحاسوب وانترنت وطباعة ومطاعم ومكتبة عملاقة تضم ما يزيد عن ، كما تقدم منازل للسكن الداخلي للطالبات تتمتع بالأمن والنظافة والرعاية، بالإضافة إلى نشاطات طلابية تشرف عليها عمادة شؤون الطلبة تشمل كل مجالات الفن والرياضة والثقافة والعلوم، وتتضمن نشاطات خاصة بالثقافات المختلفة، ولدينا مكتب متخصص في العمادة للإشراف على شؤون الطلبة الوافدين ورعايتهم وتوفير احتياجاتهم، هذا إلى جوار مكتبة هي الأكبر والأكثر شمولا بين مكتبات الجامعات الأردنية، وتحتوي على مقتنيات ضخمة تبلغ (1008625) مادة مكتبية و (171) ألف مجلد لدوريات عربية وأجنبية ورقية، ويتوفر لديها المكتبة أرشيف خاص بالمخطوطات العربية والوثائق التاريخية والسياسية، وتستخدم الحاسوب في جميع أعمالها ونشاطاتها وخدماتها.

: ماذا عن شراكاتكم وتواصلكم مع الجامعات المحلية والعربية والأجنبية، وكيف ترون شكل العلاقة بينكم وبين الأطر التربوية العالمية؟

الطراونة: تتمتع الجامعة بشبكة علاقات واسعة مع جامعات عالمية ذات سمعة مرموقة في كل القارات، بدءا بالأمريكتين ووصولا إلى أفريقيا وآسيا وأوروبا واستراليا، ترتبط معها باتفاقات تفاهم وتعاون وتبادل أكاديمي وطلابي، كما ترتبط بعدد من المؤسسات العالمية من مثل اليونسكو واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وصندوق المرأة العالمي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي والمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي و USAID وبرامج غوث وحماية اللاجئين ومؤسسة العدالة الجنائية الدولية، وتنسق معها حملات توعوية وبرامج أكاديمية وبحثية، كما أن لبعضها كاليونسكو كراسي أستاذية في بعض الكليات. وتعمل الجامعة حاليا على إنشاء برامج دراسات عليا مشتركة مع بعض الجامعات الأمريكية والتركية، بالإضافة إلى برامج بحثية مع جامعات أوروبية في مجالات عدة منها السياحة والطاقة والمياه والبيئة والزراعة، بالإضافة إلى مشروع ضخم بالتعاون مع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى لترجمة الأبحاث العلمية في ميدان العلوم الإنسانية من العربية إلى الفرنسية، وبالعكس.

  تقييمكم لفرع الجامعة في العقبة الاقتصادية، وهل هناك نية لإنشاء أفرع للجامعة سواء محلياً أو عربياً؟

الطراونة: فرع الجامعة في العقبة فكرة رائدة وتملك مقومات ممتازة لتكون تجربة ناجحة، ولكنها كانت بحاجة إلى بعض الوقت لإنضاجها قبل البدء بتنفيذها، ولكن، مع ذلك، فإنني أعمل الآن بكل طاقتي على تحويل فرعنا في العقبة من مستهلك إلى منتج، لقد كلفنا إنشاؤه ما يزيد عن عشرة ملايين دينار، وكان سببا من أسباب استهلاك ميزانية الجامعة، ولكنني وضعت خطة منذ تسلمي الرئاسة ليكون نقطة جذب على مستوى الإقليم، طلابيا واستثماريا، وقد وقعنا عددا من الاتفاقيات مع جامعة جورج واشنطن المرموقة عالميا وبرنامج USAID سياحة لتطوير برنامج السياحة والفندقة في العقبة وإنشاء برنامج ماجستير رفيع المستوى يكون نموذجا فريدا من نوعه، بما يقدمه من خدمات وبنى تحتية وتأهيل للطواقم الأكاديمية وللطلبة، كما نسعى إلى إنشاء مدرسة صيفية في فرعنا في العقبة تقدم خبرة فريدة للطلبة من الخلفيات العرقية والثقافية المتنوعة وتكون نموذجا للسياحة الثقافية والدينية، ونعمل حاليا على تطوير محطة العلوم البحرية بالتعاون مع مشروع أيلا السياحي، بالإضافة إلى عدد من الاتفاقيات التي وقعناها مع سلطة إقليم العقبة لإنشاء مشروعات استثمارية. وأنا متفائل بأن فرعنا في العقبة خلال عامين سيكون مثالا ناجحا للاستثمار في التعليم العالي بعيدا عن المركز، ولكنني لا أتوقع أن نتجه إلى إنشاء أي فروع أخرى للجامعة حاليا، على الأقل ليس في المدى القريب.


 

0 التعليقات

Write Down Your Responses