تباهي الزوجة بأهلها: غيرة تكدر مزاج الزوج



وبين محبة الزوج ومعزة الأهل التي لا يمكن أن يتساوى بها أحد، تبقى القيسي أسيرة تلك المشاكل التي جعلت من تلك اللحظات التي تجالس بها زوجها وكأنها حمل لا تقوى عليه.
في حين سيطر الملل على علاقة الثلاثينية هديل عادل الزوجية، التي إن تم النقاش بينها وبين زوجها في أمر يتعلق بأسرتها، تبدأ تلك المقارنات التي تقول إنها مقارنات "لا معنى لها ولا فائدة منها".
وتستهجن هديل تلك الحساسية التي يتناول بها زوجها ما يتعلق بأهلها، مشيرة إلى أنها باتت تخشى من ذكر أي شيء إيجابي عنهم أمامه، "أكثر ما يغضبني قوله: أهلك من باعوكِ وأنا الذي اشتريتك!"، مشيرة إلى أنها العبارة المعهودة التي لطالما تذرع بها كلما تبين له أنها مستاءة من الوضع.
في حين يستشيط الثلاثيني محمد فارس غضبا عند شعوره بأنه يأتي بالمرتبة الثانية عند زوجته، وأنها تهتم بالدرجة الأولى بأهلها وإخوتها، يقول "فكرة أني في آخر أولويات زوجتي تؤرقني وتجعلني أكره أهلها".
ويصف أنه حتى في تحضير الأكل أو حتى شراء الحاجيات فهي تسارع لانتقاء ما يفضله إخوتها ومن ثم تسأله عما يرغب به أو يحتاجه، "وفي لحظات كثيرة، ينتابني شعور بأن أضعها بين خيارين: إما أنا، أو أهلها"، إلا أنه يخشى أن يخسر الرهان جراء ما يراه من إهمال منها.
خبيرة العلاقات الزوجية الدكتورة نجوى عارف ترى أنه من الطبيعي أن يعتز الشخص بالعلاقة الزوجية بأهله وأسرته، إذ إن الزواج لا يعني أبدا انقطاع أو انفصال الفتاة عن أهلها، لكن انحياز الزوجة ومديحها المستمر لهم ولأفعالهم، قد يخلق وضعا غير صحي.
وتشير عارف إلى أن الزوجة بطبيعتها يجب أن ترسم صورة جميلة لأهلها، حتى وإن لم تكن موجودة حقيقية، وذلك لتجنب معايرة بعض الأزواج الذين يستغلون ما قد يمر بعائلات زوجاتهن، متناسين أن مجرد زواجه للبنت فهذا يعني بأنه معجب بأهلها وإخوتها.
وتردف عارف "عند الزواج تنتقل عاداتنا معنا إلى بيت الزوجية ولكن بدون التعصب فيها"، مشيرة إلى أنه من غير المنطقي أن يجبر أحد الأزواج الآخر على القيام بما كان معتاد على فعله عند أهله.
وتعزو سبب غضب الزوج وغيرته من اهتمام زوجته ومديحها لأهلها، أن طبيعة الزوج يحب دائما أن يكون في المرتبة الأولى في حياة زوجته، وعلى الزوجة أن تكون على درجة من الوعي حتى لا تعزز ذلك الشعور الذي يتولد لدى الزوج بأنه أقل مرتبة من أهلها، الأمر الذي ينعكس سلبا على العلاقة الزوجية وربما علاقتها مع أهلها بعد ذلك.
"على الزوج أن يكون أكثر نضجا وعقلانيا في التعامل مع علاقته بزوجته والعلاقة التي تربط بين زوجته وأهلها"، تؤكد عارف، قدسية العلاقة الأخوية وما تحويه من حيثيات لا توجد أبدا في العلاقة الزوجية، فعلى الزوج احترام أهل زوجته، لاسيما وأن احترامه لأهلها من احترامه لها.
 المقاربة بين العلاقة الزوجية وعلاقة الفتاة بأهلها خاطئة، وفق اختصاصي علم النفس الدكتور محمد حباشنة الذي يبين أن كل واحد له تعريف في العلاقة الوجدانية مع الأنثى.
ويشير حباشنة إلى أنه عند انتقال المرأة إلى بيت الزوجية، لا بد من أن تتغير أولوياتها على الرغم من أن الكثير من الفتيات لا يحدثن أي تغيير على حياتهن، متجاهلين ذلك التغيير الكبير الذي طرأ عليهن، مؤكدا ضرورة أن تكون الأولويات منصبة على الأسرة الصغيرة بشكل رئيسي ومن ثم على الأسرة الممتدة.
ويقول "شعور الزوج بعدم أولويته في حياة زوجته يشكل ضغطا كبيرا على نفسيته"، لافتا إلى أن على الزوج ألا يضع نفسه مكان أهلها، فهذه "مقارنة رديئة، ولا تعد إلا إساءة اجتماعيّة".
ويبين اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين محادين، أن الخبرات القليلة التي نتشربها خبرات نظرية محدودة، منوها إلى أن عدم تهيئة الأبناء للزواج من خلال توعيته تجاه فكرة أنه سيكبر ويتعلم، وأن الحياة كفيلة بتعليمه هذا النوع من الفهم، يجعل الأبناء يجهلون كيفية التعامل مع حياتهم الجديدة، الأمر الذي يجعلها مختلفة عليهم، في حين أن النوع الآخر من الزواج المتكافئ، فإنه يحقق نوعا من التوازن في النسيج الاجتماعي.
ويردف محادين "تختلف أولويات الحياة بعد الزواج"، مبينا أن ما كان يُعتقد أنّه ذو أهمية قبل الزواج، يتغير بعد ذلك، فيقف أمام الفجوة بين الثقافة الشفائية والحياة العملية، وهذا يدل على خلل في أنماط الحياة الاجتماعية.
ويؤكد محادين أن إحساس الزوجين بأن لهم هوية اجتماعية مستقلة عن الأهل، يكسب ثقة في العلاقة بين الزوجين، في حين أن غياب هذه الهوية الواضحة، يؤدي إلى مو
ضوع المقاربات الخاطئ ويهدد الأمن الأسري، ولا يشجع على المودة والحنان والألفة بين الأزواج.

0 التعليقات

Write Down Your Responses