ويكليكس الأردن : مدينة الزرقاء في عيون السفارة الأمريكية

 الصياد نيوز
تظهر الزرقاء كل سمات الإهمال السياسي وتظهرالجانب السلبي من النظام السياسي
** الدولة تستيقظ ببطء لاستيعاب ضرورة التحرر السياسي والاقتصادي كوسيلة لمكافحة التطرف خاصة في المدن المحبطة كالزرقاء
** انعدام ثقة الدولة في الساسة المنتخبين لتنفيذ السياسات ومعالجة المسائل المالية بصورة مستقلة يوضح عدم وجود الرغبة الأساسية لاعطاء قادة المجتمع المحلي حصة في بناء مستقبلهم
** قليل من الناس يعيشون في الزرقاء لأنهم يريدون ذلك فالمدينة أصبحت رمزا لاضمحلال المناطق الحضرية والتدهورالبيئي والتطرف السياسي
** لعل الشخص الأكثر شهرة في تمثيل الزرقاء في السنوات الأخيرة هو الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي
** خلال لقاءات السفارة الأمريكية مع العديد من سكان الزرقاء, كانت خططهم تتمحور حول مغادرة المدينة بأسرع وقت ممكن فور توافر المال الكافي للقيام بذلك
** الزرقاء حصلت فعلى أكثر من 33.6 ملايين دولار كمنح ملكية مصممة لتحسين البنية التحتية.
** منح البنك الدولي هو ايضا بلدية الزرقاء 2.4 ملايين دولار من أصل 3 ملايين دولار كمنحة لتطوير البنية التحتية لعام 2009
** نقص التنسيق بين وزارة الشؤون البلدية ووزارة التربية والتعليم أدى إلى تأخر بناءالمدارس ما تسبب في مزيد من الاكتظاظ في مدارس الزرقاء
** غياب الحكومة المحلية ذات الموارد الكافية والحكومة الوطنية التي تملك خطة لرفع المستوى المعيشي لفقراء المدينة، حوّل سكان إلى سياسيين قبليين يستطيعون انتزاع الخدمات من الدولة, وسياسيين من الجماعات الإسلامية المهمشة التي لا تتقن إلا التظاهر ضد سياسات الحكومة
** بناء مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز ومشاريع التطوير المنفذة مباشرة من الديوان الملكي أغضبت مسؤولين في بلدية الزرقاء، الذين يرون أنه اغتصاب لسيطرتهم على نمو المدينة

..................



عمون -د. عامر السبايلة - مدينة الزرقاء كان لها نصيب من برقيات السفارة الأمريكية في عمان.

ويبدو أن الزرقاء شكلت حالة استثنائية من حيث تعقيدات المشهد وصعوبة إحداث أي نوع من انواع التغيير.

وجاء في البرقيات:

1- الزرقاء هي ثاني أكبر مدينة في الأردن، وتعد المدينة رمزا لتدني المناطق الحضرية, ويعتبر نموها عشوائياً إلى حد كبير نتيجة لتدفق المهاجرين واللاجئين في حين لم تكن البنية التحتية للمدينة مؤهلة أنشئت فيها وحدات سكنية.

اسكان تطويري جديد في الحي الشرقي من المدينة يدار من قبل الحكومة المركزية في عمان بدلا من مسؤولي البلدية في الزرقاء والذي ينم عن ضعف الثقة في السياسيين المختارين لذلك.

يهيمن على الحياة السياسية في الزرقاء العشائر والشخصيات الإسلامية الذين يفتقرون إلى علاقة ثقة مع الدولة مما أدى الى حرمان المدينة من الموارد اللازمة لتوجيه مستقبلها السياسي والاقتصادي.


2- الزرقاء، مدينة يتجاوز عدد سكانها الـ 800،000 نسمة وتقع على الحدود الشمالية الشرقية من عمان، وهي ثاني أكبر مدينة في الأردن.
هي بلدة شكلت من تدفق المهاجرين، والنمو الاقتصادي، والوجود العسكري الكبير، وقد ظهرت على مدى السنوات الزرقاء كبوتقة تصهر فيها كل الانتماءات العرقية والاقتصادية.

سكان الزرقاء هم إما ضباط الجيش السابقون أو الحاليون التابعون إلى قاعدة القوات الجوية المحلية، أواللاجئون الفلسطينيون المقيمون في المخيم المحلي، أو من عمال الياقات الزرقاء في أكبر المناطق الصناعية في الأردن، بالإضافة الى الطبقة المتوسطة الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف المعيشة المرتفعة في عمان.

3.قليل من الناس يعيشون في الزرقاء لأنهم يريدون ذلك فالمدينة أصبحت رمزا لاضمحلال المناطق الحضرية والتدهور البيئي والتطرف السياسي.

إن عشوائية الشوارع والأزقة المكتظة تسد حركة المرور فيها. المعامل الصناعية ومصفاة النفط القريبة منها, تتسبب بإنتاج رائحة كيميائية تتخلل كل زاوية من المدينة.

لعل الشخص الأكثر شهرة تمثيلا للزرقاء في السنوات الأخيرة هو الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي.
وخلال لقاءاتنا مع العديد من سكان الزرقاء, كانت خططهم التعهد بالمغادرة بأسرع وقت ممكن فور توافر مال للقيام بذلك.

4. منذ تأسيس الدولة الأردنية، كانت الزرقاء قد نمت من خلال التدفقات العشوائية للاجئين والمهاجرين الاقتصاديين.

كان المزارعون الشيشان أول مجموعة من اللاجئين اقاموا معسكرا في المدينة، وصلوا في أواخر العهد العثماني فترة ما بعد نزوحهم من وطنهم في مدن القوقاز.

في العشرينات من القرن الماضي، تأسست واحدة من أولى قواعد الجيش الأردني في الصحراء شرقي الزرقاء، ترسيخا لمصير المدينة كمدينة عسكرية.

وعام 1949، أقامت منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الاونروا) أول مخيم للاجئين على حافة الزرقاء للفلسطينيين الفارين من الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي.

استقبل المخيم تدفقا آخر للاجئين عام .1967

عدد سكانه تجاوز 18,500 في أواخر السبعينيات ,الإنتاج الصناعي في المدينة عمل على جلب الطبقة العاملة الأردنية من مختلف أنحاءالدولة.

وفي عام 1991 ، تسببت حرب الخليج أيضا في نزوح العديد من العمالةالأردنية من العراق والكويت، والذين استقر كثير منهم في الزرقاء.

الإسكان والبنية التحتية للأزمة

الزرقاء هي مدينة مزدحمة للغاية. ووفقا لدراسة مستقلةأجريت كجزء من عمليةالتخطيط للمدينة, كانت نسبة الكثافة السكانية في الزرقاء 148,000 شخص لكل ميل مربع.

وفي الغويرية قلب المدينة القديمة ،ترتفع النسبة لتصل الى 181,000 شخص لكل ميل مربع.

أما مخيم الزرقاء للاجئين فالنسبة (شخص لكل ميل مربع30،000
في حين أن النسبة في الأردن ككل هي ( 166 شخصاً لكل ميل مربع)
إذ يبدو فسيحا بالمقارنة.

إن جهودا عديدة بذلت لتخفيف الاكتظاظ في مركز مدينة الزرقاء
من خلال مشاريع بناء جديدة على أطراف البلدة.

التوسع الأخير هو المنطقة المعروفة باسم "الزرقاء الجديدة" شيدت الى الشمال الشرقي من المدينة في أوائل التسعينات.

في البداية أريد أن تبنى كمنطقة فيلات للأثرياء، إلا أن البانين في الزرقاء الجديدة سرعان ما أدركوا أن هناك المزيد من الطلب على مجمعات سكنيةأكبر بمعايير تسويقية أقل والتي تهيمن الآن في المنطقة.

6.في أعقاب زيارة قام بها الملك عبد الله في نيسان 2008 ،كجزء من مبادرة "عام الإسكان"، حصلت فيها الزرقاء على أكثر من 33.6 مليون دولار كمنح ملكية مصممة لتحسين البنية التحتية فيها وغير الكافية على الإطلاق.

كما يمنح البنك الدولي هو ايضا بلدية الزرقاء 2.4 مليون دولار أمريكي من أصل 3 ملايين دولار كمنحة لتطوير البنية التحتية لعام 2009 .

بالإضافة إلى ذلك، فإن وكالة الـ USAID تخطط لبرنامج "تخفيف حد الفقر" ستركز فيها على المياه، والتعليم، والصحة في منطقة الزرقاء.

7. معظم مصادرنا يقولون إن انخفاض تكلفة السكن في الزرقاء هو الدافع الأساسي للعيش في المدينة خصوصا مع أسعار المساكن المتزايدة في عمان ، مما يبقي إنخفاض التكلفة الفعال
بديلا للعاملين في الحكومة، والضباط العسكريين المتقاعدين، وغير المهرة من العمال.

وأخبرتنا مصادر أن أسعار العقارات في مدينة الزرقاء أعلى من حيث القيمة التاريخية لبعضها، لكنها تبقى أقل بكثير من مثيلاتها في عمان.

إن العرض للمساكن في مدينة الزرقاء فاق الطلب بشكل روتيني.

احد أصحاب الصلة بالسفارة يعيش في المدينة القديمة وجد نفسه غير قادر على الإنتقال لاستغراقه ستة أشهر للعثور على شقة شاغرة.


مدينة داخل مدينة

8. ولعل الخطة الاكثر طموحا للتوسع في الزرقاء هو مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز الجديدة،وهي مدينة ضخمة حديثة التنمية تأخذ من شرق البلدة القائمة مكانا لها.

(ملاحظة السفارة: تسمى هذه المدينة نسبة للملك السعودي، الذي تعهد بتمويل 28مليون دولار لتكاليف البنية التحتية).

في سبتمبر 2007، (وبناء على توجيهات ملكية) تنازلت القوات العسكرية عن قطعةأرض كبيرة للدولة لمشروع الاسكان الجديد، والتي سيضاعف حجم المدينة, ويسكن شخص 500,000

المرحلة الأولى من المشروع تكاد تكتمل تقريبا، وتتميز بمجموعة متنوعة من الخيارات السكنية يبدأ بسلسلة من المنازل لعائلات العسكريين وتنتهي بفيلات فاخرة.

9. من الناحية التقنية، مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز ليست جزءا من بلدية الزرقاء.

يجري تنفيذ المشروع مباشرة من قبل وزارة الشؤون البلدية, مما يسمح لها بوضع ضوابط صارمة وتحديد المناطق وقوانين البناء دون الرجوع للعامة.

(ملاحظة: صرح أحد نواب "الزرقاءأن هذااعتراف ضمني بأن الإدارة المناسبة في الزرقاء غير كفؤة للغاية لاستلام مشروع تنمية واسع كهذا").

وقد أغضب هذا التحرك مسؤولين في بلدية الزرقاء، الذين يرون أنه اغتصاب لسيطرتهم على نمو المدينة كما أن نقص التنسيق بين وزارة الشؤون البلدية ووزارة التربية والتعليم أدى إلى تأخر بناءالمدارس، مما تسبب في مزيد من الاكتظاظ في مدارس الزرقاء.

وقال رئيس البلدية موسى الغويري لبولوف انه يرى أن حدود المدينة ستتسع لتشمل هذا التطور الجديد في النهاية، ولكن في هذه الأثناء هي لا تزال نقطة حساسة لمسؤولي البلدية.

10. الزرقاء تضم عشرة أعضاء في البرلمان. واحد للمقعد المسيحي، وآخر للمقعد الشيشاني, وعلى الرغم من كونها تشكل 15 في المئة من سكان الأردن تسيطر محافظة الزرقاء على أحد عشر بالمائة من المقاعد البرلمانية فقط.

لو خصصت المقاعد بناء على عدد السكان وحده، فإن الزرقاء ستحصل على أربعة مقاعد إضافية في البرلمان..

(ملاحظة: في المقابل تشكل الكرك ما نسبته 4 بالمئة من سكان الأردن وتحظى بنفس العدد من المقاعد).



هناك نوعان من التحركات السياسية الفاعلة في الزرقاء:

العشائر والاسلاميين.

فمعظم السكان الأصليين في مدينة الزرقاءهم أعضاء من قبيلة بني حسن،
وهي من أكبر الأردن العشائر في الأردن وربما الأكثر نفوذا سياسيا.

في حين أن تدفقات اللاجئين والباحثين عن العمل على مدى سنوات قد تضعف أعدادهم، إلا أن بني حسن لا تزال تشكل أكبر كتلة من الناخبين في المدينة, نتيجة لذلك ،إن ما يقرب من معظم الممثلين السياسيين للزرقاء يحملون أسماء القبائل والأسر التي تندرج تحت مظلة قبيلة بني حسن – الغويري, المشاقبة, الخلايلة.

رئيس البلدية"الغويري" هو نتاج العشائرية وبامتياز: وله ارتباطات وعلاقات جيدة,وله قاعدة واسعة من المؤيدين، ولكنه لا يملك الا القليل من السياسة أو الخبرة العملية الضرورية لادارة مدينة معقدة وصعبة كهذه.

12.الاسلاميون هم القوة التقليدية الأخرى في سياسة الزرقاءالذين لهم عقد طويل ومؤثر في الأجزاء الفلسطينية الزخمة من المدينة.

يتحدث السياسيون بالمستوى الملفت الذي قدمته منظمة الاخوان المسلمين المرتبطة بجبهة العمل السياسي لمستوى السياسة الشعبية في الزرقاء.

انهم يجدون صعوبة في منافسة آليات حزبهم النشطة حتى عندما لا توجد هناك انتخابات وشيكة.


13- وعلى الرغم من وزن الاسلاميين المعترف به، فإن أيا من نواب الزرقاء الحاليين هم أعضاء في جبهة العمل الإسلامي.

ويمكن أن يعزا هذا إلى عدة عوامل منفردة بانتخابات مجلس عام2007.

أولا، أحرز المرشحون القبليون الفوز عن طريق تقسيم التصويت وإستمالة أصوات الاسلاميين في المناطق الفلسطينية.

ثانيا، جبهة العمل الإسلامي الذين أصيبوا بخيبة أمل نظموا مقاطعة للانتخابات،
وهو ما انعكس على نسبة المشاركة الهزيلة التي لم تتجاوز 27بالمئة,
وهي الأقل في الأردن.

ثالثا، نظمت الجبهه حملة قوية لمرشحة(امرأة) في الزرقاء وحصلوا على عدد كبير من الأصوات، ولكن ليس بما يكفي تماما لتأهيلها للحصول على مقعد تبعا لقواعد الكوتا النسائية. في الزرقاء.

اتفقت النخبة السياسية غير الإسلامية وبالإجماع على أن انتخابات عام 2007 كانت مفارقة لن تتكرر وتتوقع ارتفاعا في عددأعضاء جبهة العمل الإسلامي في الوفود البرلمانية المقبلة من الزرقاء.

14.تظهر الزرقاء كل سمات الإهمال السياسي وتظهرالجانب السلبي من النظام السياسي, المعتمد على الصلات العشائرية على حساب مصالح الجماعات.

غياب الحكومة المحلية ذات الموارد الكافية والحكومة الوطنية التي تملك خطة لرفع المستوى المعيشي لفقراء المدينة ، حولت سكان مدينة الزرقاء إلى سياسيين قبليين يستطيعون إنتزاع الخدمات من الدولة, وسياسيين من الجماعات الإسلامية المهمشة التي لا تتقن إلا التظاهر ضد سياسات الحكومة.

من جانبها، فإن الدولة تستيقظ ببطء على ضرورة التحرر السياسي والاقتصادي خاصة في مدن محبطة مثل الزرقاء ليكون وسيلة لمكافحة التطرف الذي يعززه سياسات من هذا القبيل والبيئة الاجتماعية السائدة.

ومع ذلك، فإن انعدام ثقة الدولة في الساسة المنتخبين لتنفيذ السياسات ومعالجة المسائل المالية بصورة مستقلة يوضح عدم وجود الرغبة الأساسية لاعطاء قادة المجتمع المحلي حصة في بناء مستقبلهم.. (مثال: مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز ومشاريع التطوير المنفذة
مباشرة من الديوان الملكي)

0 التعليقات

Write Down Your Responses