لفايز يكتب : على "امن الدولة" الإفراج عن المحتسب



الصياد نيوز - لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف أن يتم تحويل الطرق المستقيمة السريعة الى ' دواوير ' ، دوّار يتبعه دوّار ، حتى أصاب البلد وأهله كل هذا الدوَار ، جراء الاجتهادات الخاطئة ، أو تقافز الصلاحيات من جهة باتجاه جهة أخرى في دولة المؤسسات والقانون ، لذلك نسأل : هل من الممكن لشخص مدني واحد أو عشرة أن يهددوا الأمن الوطني لمجرد أنهم عبروا عن رأي مخالف أو رؤيتهم الخاصة ؟


ما جرى من توقيف للزميل جمال المحتسب ، والتحقيق مع شقيقته ، مع احتفاظي برأيي الخاص عما يدور في ' حلقة الصحافة المفرغة ' هو ببساطة تأزيم للوضع السياسي ودفع من جهة ما لا نعلمها نحو حالة من الاستعداء ضد الدولة برمتها ، لأنه وحتى هذه الساعة لم يخرج علينا مسؤول واحد يمتلك الجرأة ليقول : ' أنا من يتحمل المسؤولية بناء على اجتهادي أو رؤيتي لواجبي ' .

'جمال المحتسب ' ليس زعيما سياسيا ، ولا قطب معارضة ، و اختلف معه ومع غيره في كثير من الطروحات والمنطلقات والدروب الشائكة في عالم اليوم المليء بالتناقض ، والذي أصبح فيه الشخص يوما في حضن مسؤول كبير واليوم التالي في حضن قفص الاتهام أو في قبضة التحقيق ، ولذلك أقول أن ما نقل لي عن ' الجريمة ' التي ارتكبها المحتسب في نشره لخبر ينقل عن نائب قولا يحاسب عليه القانون ، أقول أن الذي يجب ان يحاسب هو النائب وليس الصحفي ، فوسيلة الإعلام أولا وأخيرا هي ناقل للخبر لا صانعة له .

أما من جهة توقيفه من قبل محكمة شبه عسكرية وهي 'محكمة أمن الدولة ' الموقرةّ ، فذلك انقضاض على الدولة المدنية التي نسعى لها ، وتطاول على السلطة القضائية التي هي ركيزة أساس من ركائز السلطات الوطنية ، وكان الأولى والأوجب إن كانت هناك تهمة توجه للرجل أو غيره من الاعلاميين والصحفيين أن تكون صاحبة الاختصاص هي محكمة البداية ، أي بيت القضاء المدني ، لا غرفة القضاء العسكري .

لا نقبل تحت أي حال من الأحوال أن تنشر أخبار غير صحيحة ،أو تدس الأخبار الملفقة أو أن تستخدم الصحف والمواقع لتصفية الحسابات والإساءة للأشخاص ، أو تنطلق منها التهم المغلفة بالنوايا المبيتة أو المواقف الشخصية ، ولكن في المقابل لا نقبل أن تأتي جهة أو مسؤول ما ليقيّم دون معيار مهني ما هو صالح للنشر أو غير صالح ، وما هو خطير وما هو غير مهم ، ففي النهاية كل هذا يضر بالصورة العامة للأردن ، ولحالة الحريات العامة ، و حتى تثبت أي تهمة ضد أي متهم أو تتم تبرئته ، سيكون أسمه قد التصق بسجل الإجرام أو الفساد أو التآمر ، أكان بريئا أم مدانا ، وهذا ليس من العدل في محل .

شخصيا : أفهم تهمة مناهضة النظام أنه ينطلق من مجموعة منظمة أو تنظيم مسلح يمتلك القدرة على الإطاحة بأي نظام دولة ، أما أن يطلق على شخص كتب أو نقل أو نشر أو حتى ' شتم ' فتلك مسألة لا تدخل في خانة المعقول في هذا الزمن الذي لم يعد لأي قوة في العالم السيطرة على عقول الناس ، ولا يمكن إخفاء النوايا مهما تغطت بالمبررات .

ومن منطلق الحرص على هيبة الدولة ، واستقلال القضاء ، و المحافظة على ما تبقى من قيم الاحترام بين مكونات المجتمع اجتماعيا وسياسيا واعلاميا ، فإننا نطلب من محكمة أمن الدولة التي تختص بقضايا خاصة وحساسة وعلى مستوى عال من الخطر ، أن تنأى بنفسها عن محاسبة صحفي نشر خبرا ، أو مواطن رفع صوته شاتما ، فهل رأيتم الله وقد زلزل الأرض تحت أقدامنا على الرغم من أن شتم الذات الإلهية وارتكاب الفواحش والمعاصي والظلم يقوم فعله بشر كثيرون كل يوم !!؟

من يهتم فعلا بالحفاظ على ' هيبة النظام الملكي ' وحمايته ومساعدته في توجهاته نحو الاصلاح الحقيقي ، و العمل على تقريب القلوب بين الحاكم والمحكوم ، وكسر حواجز العلاقة غير الصحية وإنهاء حالة الصفاقة والتمرد اللا أخلاقي التي يرتكبها بعض الناس باسم المجتمع ،

من يريد هذا عليه أن يعمل بجد وعقل ونية صافية على عدم زج الملك بكل شاردة وواردة ، فالملك للجميع ، وهو ملك للمعارض ولغير المعارض ، وهو الملك بغض النظر عما يرى أو يشعر أو يفكر البعض تجاهه ، ولا اعتقد إطلاقا أن الملك يقبل أن يتم سجن أو إهانة مواطن بتهم تتعلق بشخصه ، وعلى الجميع أن يعمل على إعادة بناء الثقة بين مؤسسة العرش وبين شرائح المجتمع كافة ، وان لا تكون 'حالة الحب ' ، كحال محبة الدب لصاحبه حين قتله ليحميه من ذبابه حطت على وجهه .

عمون

0 التعليقات

Write Down Your Responses