بعد ساعات الدوام المدرسي: طلبة يمضون أوقاتا محفوفة بالمخاطر في المقاهي والأماكن العامة


 


الصياد نيوز - "نحن في عصر الانفتاح" هذه هي الإجابة التي يرددها طلبة في سن المراهقة بات خروجهم، بعد انتهاء الدوام المدرسي إلى الأماكن العامة لتناول وجبة الغداء في المطاعم، أو شرب النرجيلة في المقاهي، من المشاهد المألوفة في المجتمع، حيث يرى اختصاصيون أن ما يحدث لا يدل على وعي من الطلبة، لأنه طريق قد يكون محفوفا بالمخاطر، ويقود لمسار سيئ، محملين الأهل مسؤولية متابعة ومراقبة أبنائهم.
لكن أفرادا في المجتمع يتقبلون مثل هذه التصرفات ويشجعون أبناءهم عليها، فالثلاثينية نهاد، تجد أن خروج أبنائها في نهاية الأسبوع بصحبة زملائهم وزميلاتهم من المدرسة مباشرة، "ليس خطأ على الإطلاق لأن الزمن تغير ولم يعد من الممكن السيطرة على الأبناء كما في السابق"، حسب وجهة نظرها.

وتدافع عن وجهة نظرها بالقول: "إن هذه التصرفات لا تصدر من طفل أو اثنين فجميع العائلات أصبحت على نفس المنوال، لا تحرم الابن من هذه السلوكيات؛ كي لا تجعله يشعر بأنه مختلف عن أقرانه".
لكن الخمسيني مازن، يعترض على هذا السلوك لأنه يبتعد عن قناعاته، إذ يروي أنه في أحد الأيام طلبت منه ابنته الخروج مع أصدقائها في المدرسة مباشرة، ولكنه رفض ذلك بشكل قطعي، والسبب هو أنه لا يريد "أن يرمي أبناءه إلى التهلكة"، وفق قوله.
ويعترف أن الأيام اختلفت عن الماضي، فجيل اليوم لم يترك شيئا للمستقبل، حتى أولاده يقومون بتصرفات من ورائه وبالاتفاق مع والدتهم، للخروج في بعض الأحيان "لكنهم في النهاية يبقون تحت السيطرة والمراقبة" كما يقول، متحسرا في نفس الوقت على أيام زمان؛ عندما كان الطالب يصل إلى فترة الجامعة من دون أن يخرج مع أصحابه ولا يعرف معنى الطلعة.
من جهته يرى الاختصاصي الاجتماعي د.حسين الحزاعي، أن هذا الأمر له ناحية ايجابية، في حالة استثمر الطلبة تلك الطلعات في الاستفادة من بعضهم الآخر والتحدث بأمور مفيدة، مثل تعزيز أواصر التعاون والتلاقي، إلا أنه يقر أن الأطفال أصبحوا يخرجون إلى المقاهي والأماكن العامة لمضيعة الوقت، ومن دون أي فائدة.
ويعزو السبب في مثل هذه التصرفات، إلى عدم مراقبة الأهل ومتابعتهم للأبناء، سواء داخل المدرسة أو خارجها، فلا يسألون عن أبنائهم وعن نشاطاتهم داخل المدرسة ولا عن تحصيلهم الدراسي، ما يعطي الأمان للأبناء للتصرف بحرية من دون أي قيود.
ويؤكد أن هذه الفترة الدراسية من عمر الطلاب محفوفة بالمخاطر، إذ تشير الدراسات أن 20 % من سلوكياتهم عدوانية، ويكون لديهم حب الظهور والمشاركة والتقليد، لافتا الى أن ما يحدث الآن غير مبشر بالخير، لأنهم قد يتعلمون ممارسات خاطئة من خلال هذه "الطلعات"، كالتدخين وعدم الدراسة، وقد تتطور الأمور إلى حالات تسرب من المدارس.
الخزاعي ينوه إلى غياب هذه التصرفات قديما عند الطلاب، لأن الأهل كانوا يتابعون أبناءهم، مشيرا إلى أن نسبة حضور الأهل لمجالس الأبناء في هذه الفترة لا تتجاوز 10 %، داعيا إلى عدم إعطاء الثقة الأكثر من اللازم للأبناء.
الطالب ليث (15 عاما) يقول: "إنه اعتاد الخروج مع زملائه وزميلاته بعد الدوام المدرسي، إما لتناول وجبة الإفطار أو لتناول مشروبات، وطلب النرجيلة، حيث نتمتع بمثل هذه الأوقات عندما نخرج مع الأصدقاء في نهاية الأسبوع، ونضع حقائبنا في منزل أي منهم، ونخرج للترفيه عن أنفسنا وتبادل الأحاديث، وحتى لو رفض أهلي خروجي سأقوم بترتيب الأمر من ورائهم".
الاختصاصي التربوي السلوكي د.فتحي طعامنة، يرى أن التبدل الذي نشهده هو تبدل سلبي، لأن المنظومة التربوية والأسرية وتنظيمها مع الأبناء يجب أن تكون واضحة ومحددة ومخططا لها مسبقاً، في تصرف هؤلاء الأبناء والأوقات التي يقضونها بعد الدوام المدرسي خارجاً.
ويرجع السبب في ذلك إلى انشغال الأب في عمله، لفترات طويلة، وعدم متابعة الأم لأمور أولادها، خصوصاً أن بعض الأمهات يجدن في ذلك حرية وراحة للابن وتكوينا لشخصيته المستقبلية، مشددا على تنظيم الأمور وضرورة متابعة الأهل، وفتح مجال الحوار مع الأبناء ومساءلتهم، ولا يتم حرمانهم، لكن بتقنين وترتيب لهذه الطلعات، خصوصاً إذا كان الأولاد في مرحلة المراهقة؛ لأنها مرحلة حساسة يميلون فيها إلى التسرب من المدارس وإلى كثرة الطلعات والأطعمة الجاهزة.
ويدعو إلى اختيار الصحبة الطيبة والصالحة من خلال متابعة الطفل منذ السنوات الأولى، والتعرف على أصدقائهم وتعزيز الصحبة الطيبة، وتقليص الصحبة السيئة إلى جانب المتابعة والصراحة في التعامل فيما بينهم.
أما من الناحية النفسية فيعتبر اختصاصي الطب النفسي د.أحمد الشيخ أن الطلبة يميلون إلى الرغبة في الخروج مع أصحابهم، حيث اختلفت الأماكن التي بات الشباب يخرجون إليها، وتغيرت مع الزمن لأن الطلبة يعتقدون أنهم يمارسون نشاطا تشاركيا، لكن ما يراه سلبا نوعية الأنشطة التي قد لا تتناسب مع أعمارهم من أحاديث وتصرفات.
ليس المهم خروج الطلبة بعد ساعات الدوام الدراسي، لكن ما هو مهم البدائل التي يقدمها الأهل لأبنائهم، فالأفضل توجيههم إلى الأماكن والأنشطة التي تناسب أعمارهم وتحقق الفائدة لهم.

0 التعليقات

Write Down Your Responses