"رم" تختتم فعاليات "الشمالي" محلّقة مع الجماهير

 الصياد-نيوز
أطلّوا ببياضهم، كلٌّ له آلته التي يجيد محاورتها، ثمّ يدخل هو، بكامل موسيقاه! يأخذ مكانه، ويضع يديه على مفاتيح "الأورغ"، ويبدأ حفل ختام فعاليات "جرش" في "الشّماليّ" مع "رم" أول من أمس، بقيادة المبدع طارق الناصر، التي افتتحته بثلاث أو أربع قطع فقط، لكن الختام كان ساعتين رائعتين مع جمهور جميل. بقطعة مسلسل "ملوك الطوائف"، بدأ الناصر حفل فرقته، التي شاركته فيها ضيفة تونسيّة بصوتٍ رقيق، هي الفنانة وسام القروي، والتي تألقت في مرافقة القطعة بآهاتها التي كانت تتصعّد حينا وتهدأ أحيانا، وفقا لحالة الموسيقى وتوزيعها.
ومع القروي، راحت "رم" لتحلّق بالحاضرين بأغنية "ما إنت قلبي"، هذه الأغنية التي فيها سموّ بحالة العشق، التي يصعد بها العاشق ومعشوقه بعيدا، ويحلّقان متحرّران من كلّ ما هو حسّي، معتمدا فيها على التوزيع أيضا، فمهارة النّاصر في التوزيع تمنح تأكيدا لمعنى الكلمات، لتتصاعد الألحان عند مقطع:
"ما إنت روحي
وإنت قلبي
والغالي يرخص لعينك".
ومن الفلكلور السوري، مزج الناصر بين موسيقى "رقصة ستّي"، بموسيقى أخرى منحت الحفل أجواء شامية بتوزيع جديد فيه جماليّات أخرى من خلال إدخال الآلات الغربيّة والإيقاع الشديد في تقديم هذا الفلكلور.
ومع رفيقته الدائمة؛ سحر خليفة، والضيفة الثانية؛ شمس، من سورية، والقروي، غنّوا من التراث الفلسطيني "يا ظريف الطّول"، معتمدا أيضا على ابتكاره في فنّ التوزيع؛ فالأغنية فلكلورية بامتياز، ومع هذه الألحان التي وُزّعت على آلات حديثة، صار لها مذاق آخر وممتع وجديد، ومنها:
"يا ظريف الطول وقف تقلك .. رايح ع الغربة وبلادك احسن لك
خايف يا ظريف تروح وتتملك .. وتعاشر الغير وتنساني أنا..".
ومع ناي الفنان نور أبو حلتم، قدّمت "رم" قطعة "حب"؛ قطعة تتكرّر فيها لازمة موسيقية كل مرة بتوزيع معيّن، ترصد حالةً من الحنين والغربة والبعد والحب والمناجاة في آن واحد، لم يملك وقتها الجمهور إلا أن يصمت لينسجم مع هذه الحالة الاستثنائيّة. وغنّت خليفة أغنيتين محبوبتين كثيرا للجمهور، الأولى "دقّ قلبي"، والثانية "يا يمّا"، في كلتيهما حالة مناجاة للأم، فرح الجمهور بها، فكلّ حضور للأم بأي مناسبة يستفزّ عاطفة الحاضرين دائما، ويدخلهم في حالة انسجام مختلفة.
وعادت القروي من جديد، لتسمو مرّة أخرى بأرواح الحاضرين، لتغنّي "روحي يا روح"، هي أيضا من الأغاني المفضّلة لدى جمهور "رم"، والتي تستدعي بموسيقاها حالة المعنى تماما، ففي الموسيقى أيضا تحليق بعيد يتخطّى السماء ويمضي نحو اللانهاية.. وهي أغنية لمسلسل سوري، "ليس سرابا"، من بطولة عباس النوري وكاريس بشار، ومنها:
"أدخل سماك.. وأحس دفاك.. تعرف يا روح... الله هداك.. وسماك الروح..".ثم أطلّ بهواء بحريّ من العقبة، الفنان الشعبي عبدالله أبو عوالي، برفقة السمسمية، هذه الآلة "العقباوية"، وهو ذو صوت متميّز والألحان جميلة، ليغنّي برفقته عازف الساكسوفون أمجد عبداللطيف أغنية تراثية من منطقة العقبة، اشتعل الجمهور لها وغنّى ورقص كثيرا مستمتعا بها.
ولعلّ الشاعر الرّاحل محمود درويش، صار رمزا من رموز "الشمالي"، فأطل ثانية مع "رم"، بأغنية من كلمات قصيدته "أرى ما أريد"، والموسيقى التي ألّفها الناصر كانت تحاكي الكلمات بشكل مرن ودقيق، إذ يتضح فيها سعي المؤلف لإظهار رؤية ما تجاه الأشياء والتفاصيل، واختار من القصيدة مقطعين غنّتهما سحر خليفة وشمس:
"أرى ما أريد من الحقل... إني أرى
جدائل قمح تمشطها الريح، أغمض عيني:
هذا السراب يؤدي إلى النهوند
وهذا السكون يؤدي إلى اللازورد".
واختتمت "رم" حفلها بقطعة "أردن"، التي استثارت الجمهور فلم يهدأ لحظة على إيقاعاتها السريعة، وبعد أن استلمت الفرقة الدرع من مدير المهرجان أكرم مصاروة، أخذ الجمهور يغنّي "بكتب اسمك يا بلادي"، طالبا من الناصر أن يعزفها ويغنيها كما فعل في حفله في القصر الثقافي الملكي منذ أشهر، ولم يتوان الناصر عن تلبية رغبة الجمهور، وعزفها بتوزيعه المتميّز وغنّوها برفقة الجمهور الذي لم يجلس ولم يتوقّف عن التصفيق لـ"رم".

0 التعليقات

Write Down Your Responses